ط¢ط®ط± ط§ظ„ط£ط®ط¨ط§ط±

نبض الناس العامية والفصحي والمعاجم المتاحف‮!‬

الأربعاء، 30 يناير 2013


د‮.‬يحيى الرخاوى
د‮.‬يحيى الرخاوى

أنا أحب لغتي العربية الفصحي حبا جما‮!‬،‮ ‬وأحب أيضا،‮ ‬وجدّا،‮ ‬لغتي العامية المصرية الجميلة،‮ ‬وحين أبحث عن كلمة مثل‮ "‬الحزن‮" ‬في أي معجم عربي أتعلم عن ظاهرة الحزن أكثر بكثير مما‮ ‬يصلني من التراجم من المراجع العلمية النفسية،‮ ‬ذلك لأنني أجد في معاجمنا نبضا وتاريخا وحركة تكشف الظاهرة البشرية بما‮ ‬ينير لي طريقي أثناء ممارستي مهنتي وأنا أتعرف علي الثقافة القائمة في جذورها العميقة،‮ ‬ثم إنِّي لم أستطع أن أكتب حتي حوار رواياتي وقصصي بالعامية مع استمرار عشقي لها،‮ ‬كما أنني تعرفت علي حضارة العرب مِن مَنْ‮ ‬ملك ناصية هذه اللغة من الشعر الجاهلي،‮ ‬إلي القرآن الكريم وما بعده،‮ ‬أكثر مما وصلتني من مزاعم المؤرخين المصفقين أو المشوِّهين،‮ ‬وأقرب مما‮ ‬يدعيه القوميون المعاصرون‮. ‬هذه لغة عبقرية لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يخلّقها إلا وعي حضاري أصيل،‮ ‬نحن المعاصرين مسئولون عن اندثاره‮.‬
برغم كل ذلك فأنا أخاف من وصاية معاجمها المحيطة مهما كانت أصيلة ورائعة،‮ ‬لأنني أعتبر المعاجم ليست إلا علامة تاريخية جيدة علي مرحلة تطور لغةِ‮ ‬ما،‮ ‬وشعبٍ‮ ‬ما،‮ ‬وما لم تفتح المعاجم صدرها لاستقبال حيوية وحركية اللغة من الشعر والشارع‮ (‬مقال الأسبوع الماضي‮) ‬فإنها ستنقلب سجنا ليس للغة أهلها فحسب،‮ ‬بل لتطورهم أيضا،‮ (‬تدخل اللغة الإنجليزية كل عام‮ ‬450‮ ‬كلمة جديدة،‮ ‬فكم كلمة تدخل عربيتنا الفصحي؟‮).‬
في تنافس شديد بين حبيبتي الفصحي،‮ ‬وعشيقتي العامية المصرية،‮ ‬كسبت الثانية‮  ‬بعض جولات شعري‮  ‬حتي اضطررت أن أعتذر لحبيبتي الفصحي في مقدمة ديواني بالعامية‮ "‬أغوار النفس‮" ‬الذي قمت بشرح متنه في مرجع إلكتروني في موقعي باسم‮ "‬فقه العلاقات البشرية‮"‬،‮ ‬قلت في ذلك‮:‬
طَبْ‮ ‬وحَبيبْتِي؟‮.. ‬راحَ‮ ‬اقولّها إيه؟‮  ‬
إِللي ما عمرها قالت لأ،‮.. ‬ولا‮ "‬مِشْ‮ ‬قادره‮"‬
ولا فيها شئ‮ ‬يتعايبْ‮: ‬حلوهْْ،‮ ‬وغَنِـيّهْ،‮ ‬وبنت أصولْ‮!‬
‮ ‬معْلشِّي النُّوبهْ،‮ ‬المّرا دي سَمَاحْ‮.‬
أصل الَحُّدوَتةْ‮ ‬المّرا دِي كان كُلــَّـهاََ‮ ‬حِسّ،
والحِسْ‮ ‬طَلِعْ‮ ‬لِيِ‮ ‬بالعَامَّي بالبَلَدي الحِلْو،‮ ‬والقلم اسْتَعْجلْْ‮.‬
ما لحِقْشِي‮ ‬يتْرجمْ،‮ ‬لَتفوتُـه‮: ‬أيُّهاَ‮ ‬هَمْسَةْ،‮ ‬أَو لَمْسَهْ،‮ ‬أو فَتْفُوتِة حِسّ‮.‬
معلشي النوبهْ‮.‬
‮ ‬وَاهِي لسَّهْ‮ ‬حَبِيْبتِي‮..‬،
‮ ‬حتَّي لَوْ‮ ‬ضُـرَّتْها‮ ‬غَاِزيّهْ،‮ ‬بِتْدُق صَاجَاتْ‮.‬
وبرغم فضل المعاجم علي تعرفي علي لغتي العربية العبقرية الأصيلة التي صالحتني علي حضارة العرب أكثر من جمال عبد الناصر،‮ ‬إلا أنني عانيت من وصايتها علي حركية اللغة وإحيائها بما‮ ‬يشمل تفسير القرآن الكريم‮.‬
رحت أصارع المعاجم‮ - ‬خاصة حين أكتب شعرا بالفصحي‮ - ‬بكل احترام لقيمة‮  ‬ما هو‮ "‬متحف‮"- ‬حتي صرّحت بذلك في قصيدة تقول‮:‬
‮ ‬يا ليتَ‮ ‬شعـْري لستُ‮ ‬شاعرَا‮:‬
‮ ‬لا أضرب الدفوفَ‮ ‬في مواكبِ‮ ‬الكلامْ،‮ ‬
ولا أدَغْدِغُ‮ ‬النغمْْْ‮.‬،‮ ‬
لا أنحتُُُ‮ ‬النقوشَ‮ ‬حولَ‮ ‬أطرافِ‮ ‬الجُـمَلْ،‮ ‬أو أطلبُ‮ ‬الرّضَا‮. ‬
ولا أقولُ‮ ‬ما‮ ‬يقرّظُ‮ ‬الجمالَََ‮..‬،‮ (‬يحتضرْ‮!)‬،‮  ‬
أو‮ ‬يُسكر الثوّار بالأمل‮.‬
‮-‬2‮-‬
‮ ‬تدقُّ‮ ‬بابي الكلمهْ،‮ ..‬أصدّها‮.‬
تُغافل الوعْيَ‮ ‬القديمَِ،‮ .. ‬أنتفضْ‮.‬
أحاولُ‮ ‬الهربْ،
تلحقنُي،‮ ‬أكونُها،‮ ‬فأنسلخْْ‮.‬
‮-‬3‮-‬
أمضِي أغافلُُُ‮ ‬المعاجِمَ‮ ‬الجحافلْْْ،‮ ‬
بين المَخاض‮ ‬ِ‮ ‬والنحيبْ‮.‬
أطرحُنِي‮: ‬بين الضياعِ‮ ‬وَالرُّؤَي،‮...‬،
‮ ‬بين النبيِّ‮ ‬والعدَمْ‮.‬
أخلـّـق الحياة أبتعثْْْ،‮ ‬أقولُني جديدا،
‮ ‬فتولًدُ‮ ‬القصيدةْ‮.‬

Share this article :

0 التعليقات:

Speak up your mind

Tell us what you're thinking... !